الأربعاء، 7 يناير 2009

الإنترنت .. الوجه الآخر لحرب غزة

إذا كانت هناك على ارض غزة حربا ضروسا تشتد رحاها يوما بعد آخر، فان على فضاء الإنترنت حربا أخرى لا تقل أبداً عن الحرب التي تدور على ارض المعركة.
فقد امتلأت مواقع الإنترنت العربية والإسلامية وخاصة موقع الفيس بوك والمدونات بالصور والتعليقات والتعقيبات والفيديوات والمجموعات(GROUPS) التي تساند المقاومة في غزة وتتعاطف معها.
فعلى المدونات تجد عبارات ( يسقط كل خائن..)، ( لازم تعيش المقاومة..)، ( ليفني كانت هنا ليه..)، ( افتحوا المعابر.. ) .. وعلى الفيس بوك تجد مجموعات عديدة أنشأت في سبيل نصرة المقاومة أو إدانة الموقف المصري بصفة خاصة أو الموقف العربي بصفة عامة.
والواضح أن ما يجري على الإنترنت الآن أعاد لنا ظاهرة الإعلام المقاوم الذي ينشط في وقت الحرب، لتجد العديد من المدونات والمجموعات داخل موقع الفيس بوك تمثل نموذج للقنوات الإعلامية التي تعبر عن اتجاهات معينة، وبمجرد بدأ الاعتداءات الصهيونية على غزة، ظهرت معها ردود الأفعال وتجاوب معها الجمهور من خلال تعليقاتهم للتعبير عما يدور في داخلهم تجاه الأوضاع في غزة سواء سياسيا أو إنسانيا.
كما أن الإعلام الصهيوني ليس بمنأى عن تلك الحرب الإعلامية، فقد لفتت الإنترنت اهتمام القيادة السياسية في إسرائيل خاصة وان الحكومة العبرية قد تعلمت الدرس بعد فشلها أثناء حرب لبنان من وضع رؤيتها وتوضيحها للجمهور، في محاولة منها لكسب تأييد وتعاطف الرأي العام العالمي مع الجيش الإسرائيلي.
إتجاهات مختلفة
وتنوعت الاتجاهات داخل المدونات ومجموعات الفيس بوك لنجد اتجاه يدين الموقف المصري ويؤيد تصريحات حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، وآخر يعترض على تلك التصريحات ويعتبرها مدعومة من إيران ، والبعض الآخر يدين الموقف العربي برمته، وأخر يدعو إلى الوحدة وعدم الفرقة في مواجهة العدو.
وقد أخذت تلك الاتجاهات أشكالا مختلفة للتعبير فمنهم من عبر بالصور أو الشعر وأخر بالفيديو أو كتابة مجرد تعليق وآخر بكتابة مقالات أو متابعة أخر أخبار المعركة أولا بأول.
المدونات هجوم ودعوات
على مدونة " بحبك يا مصر " نجد تدوينة تحت عنوان " حسبنا الله ونعم الوكيل" تهاجم السياسة المصرية تجاه أحداث غزة حيث تقول " إلى جهنم يا من تقف مع الصهاينة .. إلى جهنم يا من تصدرون الغاز والبترول إلى الصهاينة ليقتلوا بها أطفال غزه.. إلى جهنم يا من تغلقون معبر رفح في وجه الفلسطينيين .. إلى جهنم يا من تكبتون كل الحريات.. إلى جهنم ......... إلى جهنم".
أما مدونة " منال وعلاء " جاءت بتدوينة عنوانها "اشمعنى غزة" تنتقد فيها الموقف المصري من غلق المعابر مع غزة، وترى أن وقت الحرب يجب أن يتم فيه مساعدة الإخوان في غزة بعيدا عن أي قيود حدودية أو سياسية.
وبعض المدونات ذهبت إلى أبعد من ذلك وهو الخوف من عزل مصر عربيا وإسلاميا كرد فعل لموقف النظام المصري من الحرب على غزة، حيث جاءت مدونة " نحو التجديد" بتدوينة تحت عنوان "الشعب المصري قلق على سمعته العربية والإسلامية بسبب سياسات مبارك"، عبر المدون فيها عن قلقه من احتمالات مواجهة حالة من العزلة من جانب بلدان العالمين العربي والإسلامي خلال المرحلة القادمة.
وجاءت مدونة " بنت القمر" بتدوينة تحمل عنوان " كلمتي لمن؟"، تنتقد فيها أسلوب المسكنات التي تتخذها النظم العربية حيال أي قضية قومية قائلة " كأن الأمر سياط من الألم نتلقاها وحين نستوعبها ويهدأ صراخنا قليلا نستعد لتلقي أسواطاً جديدة وجميع المسكنات جاهزة وجميع الفضائيات مستعدة وجميع الأوبريتات موجودة فلا جديد إذن فلمن أقول كلمتي).
وقامت بعض المدونات بالهجوم على الموقف العربي داعية أهل غزة إلى الاعتماد على أنفسهم في مقاومة الاحتلال وعدم انتظار حلول مصرية أو عربية، حيث جاءت مدونة " الحاج شاكر.. وأولاده" بتدوينة عنوانها "مجزرة غزة" قالت فيها (مصر أصبحت ضعيفة و للعرب أيدي قذرة في عملية الإضعاف هذه، فلا تنتظروا العون من شقيقتكم الكبرى فهي على فراش المرض و أنتم تخليتم عنها قبل أن تتخلى عنكم ) كما هاجمت المدونة حركة فتح واتهمتها بالتآمر والمشاركة في العدوان حيث قالت (إن حقد فتح على حماس دفعها للاشتراك في المجزرة على حساب الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة و ذلك عقابا لهم لدعمهم و اختيارهم لحكومة حماس).
التعبير بالصور
بعض المدونات قامت بنشر صور وفظائع الاعتداءات الصهيونية على غزة والتي تعبر عن همجية القصف الذي لم يفرق بين رجل أو امرأة، طفل أو شيخ، حيث نشرت مدونة "ابن ناصر" مجموعة من الصور التي تعبر عن وحشية المحتل تحت عنوان (غزة من الحصار .. للتدمير الشامل).
ونشرت مدونة " أنا إخوان " فيديو مصور لإحدى المظاهرات في العريش تندد بالسياسة المصرية تجاه الحرب على غزة.
أما مدونة " الصحفي المصري احمد دسوقي " فقد تعاملت مع الحدث عن طريق الحوار الذاتي فقد جاءت بتدوينة تحمل عنوان " سين وجيم في مأساة غزة "، قامت فيها بطرح أسئلة متنوعة يسألها رجل الشارع العادي لنفسه ويقوم بالرد على تلك الأسئلة من وجهة نظره.
إنتفاضة الفيس بوك
ونشطت المجموعات على الفيس بوك بمجرد قيام القوات الإسرائيلية بالاعتداء على غزة لتجد لها مكانا داخل هذه الحرب الإفتراضية ، فنجد جروب " كلنا غزة أرض العزة"، والذي ضم ضمن أفراده مشتركين غير عرب، كما أن القائمون على ذلك الجروب يقومون بالإعلان عن تبرعات للمتضررين في غزة، كما يقومون بترجمة الأحداث والأخبار إلى أكثر من لغة في خطوة لإيصال صوتهم إلى اكبر قاعدة عريضة من الجمهور.
كما نجد جروب (غزة لن تركع .. حماس لن تستسلم) ، وهناك جروب (غزة في قلوبنا) للتعبير عن التضامن المعنوي مع شعب غزة ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
وهناك جروب (Free Palestine) أو فلسطين الحرة والذي وصل عدد أعضاءه إلى 61776 عضوا، كما أن هناك جروبات أنشئت لمواجهة الدعاية الصهيونية مثل جروب (we all with gaza) ضد الجروب الإسرائيلي المسيء لغزة isrealian group against.
وهناك مجموعات للتضامن مع أهل غزة مثل (معا ضد العدوان الصهيوني على غزة )، و( أنا ادعم غزة دم واحد)، و ( حملة مناصرة أهل غزة )، و ( أوقفوا العدوان على غزة)
كما نجد من يهاجم الموقف المصري تجاه الأحداث في غزة مثل جروب (نريد أكثر من 50.000 مشارك عربي للمطالبة لإسقاط نظام مصر .. لأجل غزة) والذي وصل عدد أعضاءه إلى 6364 مشترك، وجروب (يا مصر يا أمة الدنيا أليست غزة من الدنيا)، وجروب (شكرا يا مصر .. هديتك وصلت لأطفال غزة) ويؤكد هذا الجروب أن العدوان الإسرائيلي تم تحت غطاء مصري.
وهناك مجموعات تهاجم الموقف العربي برمته مثل جروب بعنوان ( غزة تذبح بسكين عربية وارض صهيونية) وآخر بعنوان (لا للعدوان على غزة .. أين أنتم يا عرب؟) و ( أفيقوا يا عرب .. غزة تحترق)، و (تضامنوا.. دماء أطفالها ينزف .. إنها غزة .. عار عليكم يا حكام العرب) وغيرها.
ومن صور التضامن قيام عدد من مشتركي الـ "فيس بوك" بتغيير صورة الملف الشخصي إلى إشارة سوداء خصصت للحداد على ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، هذه الصورة مكتوب عليها كلنا غزة أو فلسطين وغيرها من الصور المعبرة.
وعلى الجانب الآخر هناك مجموعات تهاجم حركة حماس الفلسطينية مثل جروب (عفوا غزة .. أنا لست متضامن) والذي وصل عدد أعضاءه إلى 3452 عضو وفكرة هذا الجروب قائمة على أن التبرعات التي تذهب إلى غزة أولى بها فقراء يعيشون على أرض مصر.
مظاهرات الكترونية
ولم تخلو مجموعات الفيس بوك من دعوات المظاهرات فهناك مجموعة باسم (أكبر تظاهرة إلكترونية باسم المنتديات العربية تضامنًا مع غزة)، وتقول المجموعة "كنوع من أنواع التعبير الشعبي الحرّ وبوسائل الإعلام المتاحة بأيدينا , بصوت واحد نعلن باسم المنتديات والمدونين العرب وكل حرّ عن :تضامن الجوع، وتضامن الدم، تضامن الألم، وتضامن الأمل".
وتجد على الفيس بوك صور وفيديوات للمذابح الإسرائيلية في غزة وذلك لفضح جرائم الحرب الصهيونية على غزة وكسب التعاطف العالمي، كما نجد على الـ Statues Ubdates تدوينات مصغرة تعبر عن مشاعر "مواطني الفيس بوك " تجاه أهل غزة.
فنجد من يكتب (صبرا يا أهل غزه فإن موعدكم الجنة)، (أمى فلسطين لا تأسي ولا تهني إنَّا سنفديك من شيب وشبان)، (واترك حماس ترد كالزلزال)، (يا الله .. يا الله .. رحماك بأهلنا في غزة)، وغيرها من عبارات التضامن مع أهل غزة.
اليوتيوب إعلام مضاد
وفي محاولة منها لإقناع العالم بمشروعية غاراتها على حماس ولكسب تعاطف المجتمع الدولي، قامت إسرائيل بنقل معاركها في غزة إلى موقع "اليوتيوب"، ذلك الموقع المخصص لعرض تسجيلات الفيديو، حيث افتتحت إسرائيل قناة خاصة لإذاعة وعرض صور الغارات التي تقوم بها طائرات القوات الإسرائيلية على ارض غزة، لتبرير غاراتها على غزة بأنها تستهدف عناصر حماس فقط.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي "أن تل أبيب تريد استخدام القناة من اجل إيصال رسالتها إلى العالم من خلال صور حصرية تظهر نجاح عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة".
وتقوم القناة الإسرائيلية ببث صوراً باللونين الأبيض والأسود للطائرات حيال قيامها بضرب الأهداف التي تزعم إسرائيل أنها "أنفاق إرهابية للتهريب" أو "مجموعات إرهابية حمساوية" كما تظهر فيه تسجيلات بالألوان لما وصفت بأنها "شاحنات إسرائيلية تنقل مساعدات لغزة."
ولم تكتفي إسرائيل باستخدام اليوتيوب فقط، وإنما قامت القنصلية الإسرائيلية في نيويورك بإنشاء موقع لتقديم الأخبار، هذا الموقع يوفر المعلومات عبر الإنترنت لمن يريد أن يستفسر عن أي شئ بشأن حرب غزة، ففي تصريح سابق لشبكة CNN قال الناطق باسم القنصلية الإسرائيلية في نيويورك: "لقد رأينا أن هناك الكثير من الجدل حول الوضع في غزة، ونحن نرغب في عرض وجهة نظرنا."
ومع استمرار الاعتداءات الصهيونية وتنوعها وخاصة مع التوغل البري الإسرائيلي لغزة ، فلا احد يستطيع التنبؤ بمدى تأثير الإنترنت في الأيام القادمة فيما يتعلق بالشحن الجماهيري سواءاً إيجاباً أو سلبا أو حتى يمكن الوصول إلى أبعد من ذلك ويكون لها دوراً في التأثير على القرار السياسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق