الثلاثاء، 17 مارس 2009

البرمجيات الاجتماعية.. طفرة جديدة في استخدامات الانترنت

البرمجيات الاجتماعية.. طفرة جديدة في استخدامات الانترنت

في ظل انتشار كم هائل من المعلومات داخل محيط الإنترنت وزيادة عدد ناشري المحتوى وامتداد نطاق النشر الشخصي وُجدت صعوبة على المستخدم في الإلمام والمواكبة لكل هذا المحتوى المعلوماتي الضخم، وأُدخل الفرد في دائرة " القلق المعلوماتي "، مما أوجد ضرورة لتغيير نمط الجيل الأول من الإنترنت من خلال مجموعة من الأدوات التي تقوم بتجميع وتنظيم وترتيب كم المعلومات المتناثر داخل فضاء الإنترنت بما يلائم اهتمامات وحاجات الجمهور، هذه الأدوات هي ما نطلق عليها اسم " التطبيقات أو البرمجيات الاجتماعية".

وتعمل البرمجيات الاجتماعية على إيجاد نوع من التشارك الذهني والمعرفي بين جمهور المستخدمين على شبكة الانترنت، وتمكنهم من التفاعل والتعاون وتبادل الاهتمامات بشكل كبير مع بعضهم البعض دون النظر إلى الاعتبارت الفعلية لتكوين المجتمعات الواقعية.

وهذه البرمجيات لا تقتصر فقط على مجموعة من التكنولوجيات المختلفة وإنما تشمل الجانب الاجتماعي لهذه التكنولوجيات مجتمعة معًا.

ماهية البرمجيات الاجتماعية؟

هي أدوات تدعم اتصال مجموعة من المستخدمين على الانترنت من خلال تمكينهم من الحوار والتواصل والالتقاء على الشبكة العنكبوتية بهدف إنشاء مجتمعات افتراضية (Virtual Communites)، هذه الأدوات أنتجت أنماط وطرق جديدة لتعامل المستخدمين مع الإنترنت سواء كان ذلك من خلال الاستفادة من الخدمات المتاحة أو استحداث خدمات جديدة تقدم لزوار ومستخدمي الشبكة.

فالبرامج الاجتماعية يمكن اعتبارها تلك العناصر التي تم إدخالها في عملية تهجين لتنتج لنا (طفرة) أو نوع جديد من الإنترنت، فيما يمكن وصفه "بالانترنت المهجن"، هذه الطفرة أفرزت لنا أساليب مختلفة في طرق الاستفادة من الشبكة العنكبوتية وكيفية استخدامها بما يحقق المصلحة على المستوي الشخصي وعلى المستوى العام.

ومن ابرز البرمجيات الاجتماعية التي أوردتها موسوعة ويكيبيديا ما يلي:

المدونات (Blogs) ومنها (Micro-Blogging) أو التدوين المصغر، والمنتديات (Internet forums)، اقتباس القصاصات (Clipping)، الرسائل الفورية (Instant messagingالتعليم الالكتروني (e – Learningتشارك الوسائط (Media sharing)، علامات تداول المواقع[2] (Social bookmarking)، الفهرسة الاجتماعية (Social catalogingمواقع تشارك المحتوى(Social citationsالشبكات الاجتماعية (Social networksالعالم المتخيل (Virtual worlds)، مواقع الويكي (Wiki's).

فلسفة البرامج الاجتماعية

وتأخذ البرامج الاجتماعية فلسفتها من الفكرة الجوهرية للويب 2.0 وهي إيجاد بيئة فعالة لمساهمة وتشارك الزوار واعتبار المستخدم هو المركز الذي تدور من حوله كل الأنشطة ويؤثر فيها تبعا لاهتماماته.

ومن الآثار الاجتماعية لتلك البرامج أنها تساعد على اكتشاف سلوكيات وتصرفات ما كانت تظهر إلا من خلال تفاعل الفرد مع تلك الجماعات الإفتراضية.

وتمنح البرامج الاجتماعية فائدة كبيرة للمتخصصين والمهتمين بموضوع معين، حيث يمكن للمستخدم حفظ روابط المواقع التي يفضلها ويطلع عليها خلال تصفحه على شبكة الإنترنت دون الحاجة إلى تخزينها في قائمة المفضلات الموجودة على جهاز المستخدم، مما يمكنه من عدم التقيد في الإطلاع على تلك الروابط من جهازه عند الحاجة إلى استعادتها مرة أخرى، بل يمكن له أن يجدها و يستخدمها من أي جهاز كمبيوتر طالما انه متصل بشبكة الإنترنت.

الاتصال والتواصل

والبرامج الاجتماعية هي ثورة على الأنماط التقليدية في الإتصال بين الناس، فالعامة كانوا يتحاورون ويتناقشون في السابق بالطرق التقليدية مثل التليفون أو المواجهة المباشرة أو عن طريق المراسلات البريدية أو من خلال الصحف أو التليفزيون .. الخ، فهي تقوم داخل تلك المجتمعات الإنترنتية بضمان خاصيتين أساسيتين - هما الأساس في بناء أي مجتمع واستمراريته – ألا وهما الإتصال والتواصل وهما من أهم المميزات التي توفرها تلك البرامج الاجتماعية.

و تقوم هذه البرمجيات في عملها على الاتصال الجمعي وليس الشخصي مما يوفر سيولة وسهولة في الاتصال بأقل جهد وأبسط تكلفة.

نهاية دورة انتاج

ومن أهم السمات الأساسية التي توفرها البرمجيات الاجتماعية أنها جاءت لتغيير فكرة البرمجيات كمنتج لتحولها إلى خدمة متاحة للجميع يتم صيانتها بشكل يومي، بل والتعامل مع المستخدمين كشركاء في تطوير الخدمة، ومراقبة سلوك الزوار في التعامل مع الخدمات الجديدة بالموقع لمعرفة المزايا والوظائف الجديدة التي يتم استخدامها وكيفية استخدامها، وقد كشف كال هاندرسون كبير المطورين والمبرمجين في موقعFlicker أنهم يقومون بتطوير وإنشاء تكوينات وإصدارات جديدة للموقع كل نصف ساعة تقريبا.

القضاء على المعوقات المعاصرة للتواصل

والتطبيقات الاجتماعية جاءت لتسمح للمستخدمين بالتواصل مع أقرانهم في جميع أنحاء العالم، ومع أشخاص لا يتم التواصل معهم في الواقع لأسباب مختلفة، أي أن التطبيقات الاجتماعية على الإنترنت استطاعت ان تقضي على المعوقات المعاصرة للاتصال والتواصل، فتعارف الأشخاص على بعضهم أصبح لا يرتبط بقواعد على ارض الواقع بل أصبح الكل متاح له أن يتعرف على غيره في أي مكان وفي أي وقت وبأي صورة كانت .

وقد أفرزت تلك البرمجيات عن لغة جديدة للتخاطب بين مستخدمي الإنترنت هذه اللغة تم اختزالها في حاجات الأفراد واهتماماتهم أي مخاطباتهم نفسيا وإجتماعيا وعمليا واقتصاديا ... الخ ، فعلي سبيل المثال موقع FACE BOOK يتم فيه مخاطبة النواحي النفسية والإجتماعية للأفراد من خلال العديد من التطبيقات التي تم إنتاجها من قبل الموقع أو من قبل مستخدميه، فالمشاعر أصبحت لها مكانها على مواقع الإنترنت، كما أن توفير إمكانية إنشاء برمجيات من قبل المستخدمين وتسويقها داخل الموقع، أتاح الفرصة للأفراد أن يشكلوا نوعا من السوق الاقتصادي يستطيعوا من خلالها توفير مكان لعرض منتجاتهم.

نماذج دولية

ويمكن القول أن التطبيقات أو البرامج الاجتماعية ليست موجهة في مطلقها إلى الأفراد ولكنها لفتت نظر الشركات وقطاع الأعمال للاستفادة منها اقتصاديا وساعدت على تغيير أساليب العمل في هذا النطاق.

فنجد خدمة " Open Social" من شركة جوجل وهي مجموعة من واجهات برمجة التطبيقات المشتركة APIs تسمح ببناء التطبيقات الإجتماعية عبر شبكة الإنترنت.

وأطلقت شركة مايكروسوفت خدمة " Search Together" أو البحث معا، وبالرغم من أن نشاط البحث على الانترنت هو عادة نشاط فردي إلا أن هذه الخدمة وفرت البحث المشترك بين عدد من المستخدمين المتشاركين في الاهتمام.

وقامت شركتا إنتل وأسوس بإطلاق الموقع الإلكتروني الجديد (وي بي سي دوت كوم) الذي يسمح للأفراد بالتواصل فيما بينهم من جهة وبين الشركات المطورة للتقنية من جهة أخرى بهدف تصميم المنتجات المبتكرة التي تتماشى مع احتياجات المستخدمين وتطلعاتهم.

وهناك مشروع "تخيُُل الإنترنت" Imagining The Internet، الذي أطلقته جامعة "إلون" الأمريكية، ويهدف هذا المشروع إلى استطلاع آراء عشرات الخبراء حول مستقبل الإنترنت وتكنولوجيا الاتصالات وأثرهما على حياة البشر.

فالبرمجيات الاجتماعية أطلقت لنا مجالا واسعا للتخيل الى الحد الذي يصعب معه التنبؤ بمستقبل الانترنت، ومدى استفادة المستخدمين- سواء على المستوى الشخصي أو الجمعي أو المؤسسي- من الأنشطة والخدمات التي توفرها تلك البرمجيات.



([1]) اطلق هذا المصطلح الباحث في مجال سوسيولوجيا الانترنت، وسام فؤاد.